[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]نمت بعمق هذه الليلة ، ربما لأني أحب شرم الشيخ وهذا المنتجع الذي يملكه
صديقي المقرب ، صحيح أن صديقي هرب الى سويسرا حتى قبل أن أتنحي ، لكن لا
يهم ، معذور ، على الأقل لم يفعل مثل كل من حولي الذين تركوني ، الكل خانوك
يا حسني .نمت بعمق ولم يوقظني أحد ، ربما لأنني اعتدت منذ جراحة
المرارة أن اتناول الادوية التي تساعد على النوم ، وربما لأنني لم أنم منذ
اسبوعين بصورة جيدة خشية أن أجد نفسي مقبوضا علي ، لكن اليوم نمت ، بل حلمت
ايضا أحلاما بعضها جيد وأغلبها غير مفهوم ، فرحت عندما رأيت حفيدي محمد
علاء رحمة الله عليه ، لكنه رفض أن يصافحني أو حتى ينظر الى ، وجدته وهو
يحمل علم مصر ويتجاهل وجودي تماما .حلمت أيضا بشباب كثير لا أعرفهم ،
لكنهم كانوا جميعا بهم آثار طلقات رصاص على أجسادهم ، والعجيب أن هذه
الجروح لا تنزف دما ، بل تنزف مسك طيب الرائحة . كلهم كانوا يحملون علم مصر
ويمضون نحو طاقة نور كبيرة كلما حاولت أن أقترب منها دفعتني يد قوية لكي
أبتعد .فتحت عيني ورأيت الساعة وقد تجاوزت الحادية عشرة ، هو موعدي
اليومي في الاستيقاظ في العشر سنوات الأخيرة ، ولو أني كنت أضحك من قلبي
عندما أقرأ في جرائدي المفضلة أنني أستيقظ في السابعة صباحا وألعب الاسكواش
، انتهت هذه العادة منذ زمن لكنهم يكررونها بمناسبة وبدون مناسبة وكانت
تعجبني فتركتهم يكتبون كما يشاؤون .عندما هممت بالنهوض من السرير
سألت نفسي .. ماذا سأفعل اليوم ، صعب جدا أن تجد شيئا تفعله بعد أن تترك
السلطة ، فلا قرارات ولا مقابلات ولا تقارير ولا حتى اتصالات هاتفية ، فكرت
على سبيل الدعابة فقط أن أتصل بزين العابدين بن علي في جدة لأسأله عما
يفعله وكيف يقضي وقته لكني تراجعت خشية أن يعرف أحد ويفضحونني في أول يوم
تنحي .بعد أن تناولت الافطار البسيط الذي هو بسيط فقط لأنني بعد
الجراحة لا أقدر على تناول الطعام الا القليل منه ، لكن قبل ذلك لم يكن أحد
يجاري شهيتي للطعام خاصة الدسم منه ، بدأت في قراءة الجرائد وبدأت بصحيفتي
المفضلة ..الأهرام .بصراحة كنت أتوقع أي شيء الا العنوان الذي قرأت ( الشعب أسقط النظام )
ومظاهر الفرحة تنتشر في الشوارع وكلام يصفني بالطاغية .. يا نهار أسود
..ربنا يسامحك يا صفوت .. انت الذي طرحت علي اسم اسامة سرايا هذا وأنا لم
أكن أعرفه وقلت لي عبارتك الخالدة التي تعشق أن تستخدمها لوصف المخلصين (
دا إبننا يا ريس ) رميتها بعيدا وأمسكت بالجمهورية لأجد ما كتبه محمد على
مش عارف ايه يهاجمني ، لكني قلت في نفسي عادي ..فقد ظل يهاجمني آخر اسبوع
بضراوة بل دعاني للتنحي وهو الذي لم يكن يحلم أن يجلس معي خمس دقائق .
أمسكت بأخبار اليوم لعلي أجد في القط مؤنسا ، لكني وجدته يموء بعيدا عني
ويتمسح في الجيش .عادي ...كنت أتوقع لكن ليس بهذه السرعة ، هم في كل
الاحوال من حزب عاش الملك مات الملك ، فتحت جهاز التلفزيون على قناة
العربية ، كنت أحبها رغم أنها تستضيف بعض من يهاجمني ، لكن ما هذا ..وماذا
يفعل شعبي الحبيب في الشوارع ، هل أحلم ، هل هم فعلا فرحون للغاية برحيلي ،
الاغنياء الذي كنت سببا في غناهم قبل الفقراء ينزلون الى الشوارع كأن
المنتخب فاز بالكأس للمرة الرابعة ، لا لا لا ...انهم مخدوعون ضحكوا عليهم
بشعارات الحرية والديموقراطية .لكني بكيت ...نعم بكيت ولا أجد حرجا
في أن أكتب هذا ، في هذه اللحظة دخل علاء وجمال ، لمحوا بكائي وجري علاء
نحو التلفزيون وأغلقه ، ثم عاد وحضنني بينما جمال يقف واجما .. تشاجرا
أمامي ، علاء اتهم شقيقه بأنه السبب فيما جرى لي ، قال له أنت الذي وضعت
أحمد عز في الحزب ، انت الذي تركته يفعل كل ما يفعل ، أنت الذي طمعت في
الرئاسة وأجبرت والدك على أن يصدق أنك تصلح في الحزب ، بينما كنت تدمر كل
شيء في البلد .لم يسكت جمال ، قال لأخيه أنت السبب في أن يظهر اسمنا
للناس ، مشاريعك وشراكتك مع طوب الارض جعلت ثروتك تتضخم وجعل الناس يخافون
من أن تكون شريكا لهم في أنفاسهم .تدخلت سوزان بسرعة ولم أكن أدري
أنها تقف بجواري منذ أن بدأت الافطار ، نهرتهم كما كانت تفعل وهم صغار
والغريب أنهم سمعوا كلامها وانصرفوا ، آه يا زوجتي العزيزة لو كنتي فعلتي
ذلك قبل عشر سنوات لتغيرت أمور كثيرة .سمعت كثيرا من مسؤولين سابقين
كنت قد التقيتهم في مناسبات مختلفة أن الامراض تعرف طريقها الى رجل السلطة
بعد أن تذهب السلطة عنه ، لكني لم أكن اعرف أنها ستاتي بهذه السرعة ، فقد
دارت الارض بي واكتشفت أنني لم أعد قادرا على أن تحملني قدماي واستيقظت بعد
ذلك بفترة طويلة جدا ولم أعرف أين أنا .. وجوها كثيرة تلاحقني ..أياد
عديدة تمتد نحو رقبتي تحاول قتلي ... الغرفة سوداء تماما لكني رغم ذلك أرى
ظلالا ووحوشا ميزت من بينهم وجوه من أعرفهم ..عز وصفوت وسرور والعادلي
..صرخات معذبين وأنات مكتومة وكلمة واحدة تتردد ...حسبي الله ونعم الوكيل
فيك يا مبارك .تنبيه: ما جاء بالمقال من وحي خيال كاتبه وليس من مذكرات حقيقية للرئيس مبارك.