[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
ها ها ها.. أطلقتْ من شفتيها المُعدَمتين ضحكة صفراء.. اختلطت بشيء من الاستهزاء.. وكثيرٍ من الكبرياء.. تحمل وردًا في اليد اليمنى.. و بقايا شوك في اليد الثانية..
تُعَربِدُ في تيهٍ.. وتتعالى في استكبار.. تظن أن العالم ملك يديها.. وأن الأرض تركعُ تحت قدميها.. وأن السّماء تحْمِي وجنتيها.. وأن الشمس تُشرقُ لجمال عينيها.. وأن البدر يعتلي رأس هامتها ليسقُط تحت قدميها..
تظن أن الكون خُلق لها وحدها.. لتفعل به ما تشاء.. لتلهو فيه كيفما تشاء..
تجري في أراضي الحياة.. تتعالى في مشيتها.. تتعالى في نظراتها لمن حولها.. تزدري كل صغير أو كبير.. تتلون في اليوم والليلة آلاف المرات.. تلبسُ كل الأزياء.. وترتدي كل الألبسة..
تارةً هي الملكة.. ذات شأن عظيم.. ولها الأرض تركعُ جلّ الأيامِ والسنين.. وتارة هي الأميرة.. مدللة تفعل ما تشاء.. وتعدِمُ من تشاء.. وتارة هي المتمردة.. تخرج عن الطوع.. وترتدي زيّ الغدر.. وتكتحل بكُحل الانتقام... وتارة هي الأنانية.. تعلو على وجهها تقاسيم اللامبالاة.. وتشرب حتى الثمالة من كأس عشق الذات.. وتعبُد النرجسية..
كانت كل شيء إلا البراءة.. كل شيء إلا الطيبة.. كل شيء إلا الهدوء أو السكون..
الضجة تحتمي بها منها.. والغدر يلجأ منها إليها.. والدمار يهرب منها إليها.. والذعر يختفي بين كفيها..
والغضب والسلطنة والاستكبار والغطرسة يتصدران باب قاعة قلبها الفارغ من كل شيء ...
هاهي تتقدمُ في السنين.. وتحاول بلوغ المستحيل.. وتطمع دومًا في ما هو أكبر من أن تناله يدها.. من أن تلمسه بأناملها.. ترجو العُلا.. لتبلغَ السمَا..
قد أتاها سيفُ الردى (فجأة).. فاستل خنجرهُ مِن مكان كان لها عدم.. وأولجهُ في قلبها الفارغ المعدم.. فأرداها صريعة مع أول طعنة قاتلة..
تخبطت في بِركة الألم أيامًا وأيام.. لم يسمع شكواها أحد.. ولم يحس بها بشر أو حيوان.. وظلت تشكو في صمت.. تطبقُ شفيتها بين أسنانها.. حتى لا يخرج لنرجسيتها صوت..
وبدأت بوادرُ النهاية تعلو مُحياها.. وقفزت مذعورة ترجو النجاة.. لم تجد شيئا من المناجاة بين لسانها.. لم تُناجي يومًا أحدًا.. ولم تسأل أحدًا الرحمة..
بقيت في كيدها لحظات.. تنخرها قوة الطعنة القاتلة... إلى أن افترقت عنها كل الأصوات.. وهربت من بين عينيها كل الرؤى.. ومن لسانها كل العِبَارات.. وصعدت الروح شيئا فشيئا لتتلقفها يدُ البؤس والشقاء.. لتُرحبَ بها أطيافُ السماء.. لتناديها الأشباح.. فرِحَة بلـُقـيا جثتها.. حتى تنهل من نهشها.. ونبش قلبها الذي غدا بائسًا الآن..
واجتمعت الأشباح على وليمة ندية.. لازالت تلحس أصابعها من لذة الكِبر والحقد والضغينة التي تسري بدم القتيلة.. ولازال لُعابُها يسيل من لذة الطعنة المغروسة..