نوع جديد من الكتب بدأ ينتشر ويلقى إقبالا شديدا من القراء، الذين لم
يعد يستهويهم الكتب التي يؤلفها كبار المثقفين والكتاب، أو التي تتحدث بلغ
صعبة ومتقعرة.الآن في سوق الكتب نوعية أخرى سهلة وممتعة، تحكي
تجارب ناس عاديين جدا، وتنتقد ظواهر كثيرة في المجتمع والسياسة بأسلوب
ساخر ولاذع وصادق جدا، لذلك يصل بسرعة الى الناس، وخصوصا من الشباب.ويكفي أن تلقي نظرة على الكتب الأكثر مبيعا في السنوات الأخيرة، لتتأكد من هذا الواقع الجديد في حياتنا الثقافية.فكتاب مثل "تاكسي المشاوير" لخالد الخميسي طبعت منه الطبعة العاشرة، وكذلك كتب أسامة غريب وجلال عامر وخالد منتصر وخالد توفيق.وهذا الكتاب الذي نتناوله هنا ألفه طالب في
كلية الصيدله[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]بإحدى الجامعات الخاصة، وحكي فيه محمد حسونة قصته وذكرياته مع الثانوية
العامة التي درسها في مدرسة الفرير، وهي مدرسة راقية وعريقة، وطلابها
ينتمون الى شريحة اجتماعية من الطبقة فوق المتوسطة.لكن المعاناة
التي يحكي عنها في كتابه عن شبح الثانوية العامة الذي يعذب ملايين البيوت
في مصر منذ سنوات طويلة، تعكس مشاعر كل الطبقات تجاه هذا الغول المسمى
بالثانوية العامة.ونترك حسونة يحكي عن ذكرياته، وعن علاقات الشباب
والبنات حين يلتقون في قاعات الدروس الخصوصية، فيقول: "الكثير من الدروس
الخصوصية تكون فى "السناتر ..والسناتر مشتركة شباب وشابات ، فأصعق بجمال
زميلة لى فى الدرس صعقا ولكنى دائما أفكر: إنها حقا رائعة الجمال.. ولكن
ماذا بعد؟ .. فمن ناحية يصعب لى التقرب منها فى هذا الجو الخاص، ومن ناحية
أخرى البنات الجميلات كثيرات، فهل سأتقرب من الجميع؟.. ثم لى تجارب مؤلمة
فى هذا المجال، فعلاقاتي السابقة إما تتخذ شكل الإطار الاجتماعي العادي
الذى أسعى إلى مرتبة أعلى منه، وإما تفشل ويضيع جزء كبير من وقت مذاكرتى".ويعبر
حسونة عن أيام الذهاب الى المدرسة بأسلوب رشيق: "تمر أسابيع الدراسة
ويزداد التشابه بينها، لأنها فى الحقيقة عجلة من عجلات الحياة الروتينة
الثقيلة.. وكلما انتقل الإنسان من مرحلة إلى أخرى من حياته، ازداد ثقل
العجلة. هنا تظهر أهمية العالم السحرى الذى اخترعه الإنسان لمواجهة
الضرورة الحتمية الدوارة "عالم الحب والخيال والموسيقى ودفء الصداقة، عالم
المغامرة والمخاطرة"، ولكن هذا العالم فى الواقع ليس سوى وقود، وقود
لتحريك تلك العجلة الثقيلة".وعن
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]التي تسبق الامتحانات النهائية يكتب حسونة: "اقتربت الامتحانات التجريبية
الأولى فى المدرسة قبل إجازة نصف العام، ودب فىّ النشاط والحيوية وروح
التحدى مثل معظم أصدقائي، تغطيها ضبابة، تخفف عنها رعبها.. امتحانات
التجربة لا قيمة لها، امتحانات التجربة أصعب من امتحانات آخر العام، مما
يدخل السكينة فى قلوبنا.. وكلما ضاع الوقت تراكمت الآلام النفسية. فنتائجى
لم تكن مؤشراً جيداً، كما أن كمية المذاكرة المطلوبة منى تتضاعف.. لم أعد
أحتمل!!".وعن شعوره في أيام المذاكرة والمراجعة قبل امتحان
الثانوية "العامية" يكتب: "أحسست نفسى سجيناً مقيداً محكوماً عليه
بالإعدام لا يستطيع سوى انتظار تنفيذ الحكم".وتابع واصفا حاله
وقتها: "وفى يوم اتسع الحزن واليأس فى قلبى حتى لم يجد لهما مكاناً، فزحفا
إلى كل جسدى وانتابتنى حالة من الغضب الشديد حتى انى قمت بتكسير كوب من
الزجاج وجرح نفسى وانخرطت فى بكاء العاجز وجاءت أمى ورأت الدم فى يدى
فهرعت إلى واتخذت قرارى، اتخذت قرارى بنفى كل وسائل تضييع الوقت، كل وسائل
تقريب حكم الإعدام".وقال: "ضاع كثير من الزمن، أصبحت لا أستطيع
ملاحقة ما ورائى وأمامى من مذاكرة ولكن يجب زحزحة تلك الصخرة من فوق صدرى
بل وبسرعة.. ولذلك أحلم أن يصير اليوم ثمانياً وأربعين ساعة حتى أستطيع
دفع ذلك الثقل. الحل الأفضل هو الغياب عن المدرسة رغم أنى أستفيد من
المدرسة، ولكنى أريد اللحاق بقطار مذكراتى،
إلا أن أيام الغياب المسموحة لى محدودة، ثلاثون يوما، ولقد وصلت الآن إلى
ثمانية عشر يوماً! لم يعد لى من بصيص أمل سوى إجازة نصف العام أليس
الكلام سهلاً؟ هل سأنفذه؟".وعن رحلات الذهاب ومغامرات العودة من
المدرسة يقول: "ينتهى اليوم الدراسى بمسراته وأحزانه، وأركب الميكروباص
للعودة. وكان حظى اليوم كبيراًَ، ركبت بجانبى فتاة جميلة فاستحوذت علىّ
غريزة أخرى، ألا تنتهى تلك الغرائز؟!".ويلخص حسونة معنى كل حرف من
حروف كلمة مذاكرة في هذه المعادلة: (م- مصير محتوم مؤلم / مستقبل مفرح)،
(ذ – ذاكرة حديدية / ذكاء)، (أ – استحالة / أمل إصرار)، (ك – كم كبير /
كربسة)، (ر- رخامة / راحة)، (ت – تشاؤم / تهييص / تفاؤل / تفوق).فكل المواد – التى ندرسها – معرفتها لذة تسمو بفكرنا ومشاعرنا، لكن المشكلة هى حفظها.انه
بالفعل كتاب بسيط وسلس ويعبر في صدق شديد عن مشاعر ملايين الطلاب..
كتاب"مذكرات طالب ثانوي" لمحمد حسونة الصادر عن دار شرقيات للنشر والتوزيع.